المرصد يدين توسع الاحتلال العسكري الإسرائيلي للجولان
المرصد – المركز العربيّ لحقوق الإنسان في الجولان
اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فور إسقاط حكم بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر الحالي، الأراضي السورية الواقعة على طول خط وقف إطلاق النار من ناحية الشرق، وتوغلت لمسافة تبعد 20 كيلومترا جنوب غرب دمشق، فيما يواصل سلاح الجو الإسرائيلي عمليات القصف المكثفة في سائر أنحاء سوريا، معلناً تدمير قدرات الجيش السوري في أوسع عملية جوية في تاريخ إسرائيل، بما في ذلك، طائرات ومنشآت استراتيجية لمنع وصول المعارضة إليها على حد زعم سلطة الاحتلال.
وقد نجم عن هذا العدوان، وفق ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية، احتلال تسعة مناطق شرقي خط وقف إطلاق النار، بضمنها مدينة القنيطرة التي أخلتها قوات الاحتلال بموجب اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل، والموقعة بين الطرفين في 31 أيار/مايو 1974 في جنيف، بالإضافة إلى أعلى قمة في جبل الشيح والتي يبلغ ارتفاعها 2814 متراً فوق سطح البحر، والعديد القرى المنتشرة على السفوح الشرقية لجبل الشيخ.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن خلال جولة أجراها برفقة وزير الأمن يسرائيل كاتس في الجولان المحتل، في 8 كانون الأول/ديسمبر الحالي، أنه أعطى أوامره لقوات الاحتلال للسيطرة على المنطقة الفاصلة التي تديرها قوة مراقبة فضّ الاشتباك التابعة للأمم المتحدة، فيما أبلغت إسرائيل مجلس الأمن الدولي بأن هذا الاجتياح عبارة عن "إجراء محدود ومؤقت"، بدعوى أنه يهدف إلى حماية أمنها ومواجهة أية تهديدات محتملة، ولا سيما للمستوطنين الإسرائيليين في الجولان الذي تحتله منذ عام 1967.
المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أعلن بأن اجتياح القوات الإسرائيلية داخل المنطقة العازلة في الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل، يشكل "انتهاكاً" لاتفاق فضّ الاشتباك بين إسرائيل وسوريا والذي وُقِّع عام 1974، مضيفاً أن قوة الأمم المتحدة المكلفة بمراقبة فض الاشتباك (يوندوف) "أبلغت نظراءها الإسرائيليين أن هذه الأفعال تشكل انتهاكا لاتفاق فض الاشتباك، وشدّد على أنه "يجب ألا تكون هناك قوات أو أنشطة عسكرية في منطقة الفصل بين القوات، وأنه يتعين على إسرائيل وسوريا الاستمرار في تنفيذ بنود الاتفاق والحفاظ على استقرار الجولان.
ليس واضحاً بعد ما هي المخططات النهائية من وراء اجتياح الاحتلال الإسرائيلي لأراض سوريّة جديدة، فيما تشير تصريحات المسؤولين ووسائل إعلام في إسرائيل عن نيّة الاحتلال تشكيل منطقة آمنة والمكوث فيها لمدة غير محددة. كما تناقلت بعض وسائل الإعلام عن قيام جيش الاحتلال بممارسة تهديدات وضغوط على سكان أربع قرى سورية في منطقة فصل القوات، لدفعهم إلى مغادرة قراهم، مما يثير الكثير من المخاوف والشكوك حيال حدوث عمليات حصار وتهجير محدودة، بخلاف ما تدّعيه إسرائيل من "إجراءات محدودة ومؤقتة". فقد أوردت بعض وسائل الإعلام تسجيلا يُظهر نداء الجيش الإسرائيلي لسكان قرية الحريّة، يمهلهم فيه حتى الساعة الثالثة ظهراً للخروج من القرية وذلك في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر النقل القسري لسكان المناطق المحتلة، سواء داخل الإقليم المحتل أم إلى خارجه. وهذا من شأنه أن يشكل تكراراً لما فعله الجيش الإسرائيلي في الجولان في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، حيث أمر القرويين السوريين بمغادرة منازلهم، مما أدى آنذاك إلى التهجير القسري لنحو 95% من سكان الجولان السوريين.
يشكّل العدوان الإسرائيلي الجديد انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي التي تحظر استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة لاحتلال أراض الغير وضمّها، واتفاقية فض الاشتباك التي تنص على احترام وقف إطلاق النار في البر والبحر والجو، والامتناع عن جميع الأعمال العسكرية بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 338؛ الصادر في 22 تشرين الأول/أكتوبر 1973.
المجتمع الدولي، ممثلاً بمنظمة الأمم المتحدة، مطالبٌ بإجبار القوات الإسرائيلية على الانسحاب الفوري من المناطق التي احتلتها مؤخراً، وتمكين قوات فض الاشتباك من القيام بعملها وممارسة واجباتها بحريّة، وإلزام إسرائيل على الانسحاب من الجولان المحتل حتى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، بما يفضي في المحصلة إلى وقف الأعمال العدائية وتحقيق استقرار مستدام في المنطقة برمتها.
مقالات ذات صلة