'}}

المرصد يحذِّر من التداعيات الخطيرة المترتّبة على إقرار مشروع توربينات الرياح على السكّان السوريّين في الجولان المحتلّ

في اجتماعها يوم الاثنين؛ في التاسع من سبتمبر/ أيلول الجاري، أقرّت "الّلجنة الوطنيّة للتخطيط والبنى التحتيّة" (اللجنة) التّابعة لسلطة الاحتلال الإسرائيليّ، وبأغلبيّة أعضائها، مشروع توربينات الرياح المُزمع إنشاؤه على الأراضي الزراعيّة التابعة للسكّان السوريّين في قرى الجولان المحتلّ، وستتِمّ إحالته إلى حكومة الاحتلال من أجل إقراره بشكل نهائيّ.

وجاء في مقدّمة قرار الّلجنة، المنشور في موقعها الرسميّ، أنّه ".. سيتمّ تقسيم الخطّة إلى مرحلتين؛ في هذه المرحلة، سيتمّ رفع خطّة للمصادقة عليها من قبل الحكومة، لا تشمل التوربينات الستّ التي لا تزال بانتظار أن يبتّ بشأنها المستشار القضائيّ للحكومة. وخلال سنة، تستطيع الشركة أن تتقدّم بـ"خطّة متابعة" لإقرار التوربينات الستّ المتبقّية، والتي هي مثار خلاف، حالما تعطي وزارة العدل رأياً يسمح بذلك. آنذاك سيتمّ عرض "خطة المتابعة" أمام الّلجنة لنقاشها وللنظر في إمكانيّة إعفائها من تقديم التقارير ومن الاعتراضات والتحفّظات".

من بين مئات الاعتراضات التي قُدِّمت للّجنة، بما فيها الاعتراض الشامل الذي قدّمه المرصد، بالتعاون مع "جمعيّة حقوق المواطن في إسرائيل" وجمعية "بمكوم"- مخططون من أجل حقوق التخطيط، التي اشتملت على مراجعات مهنيّة، ومثّلت التعاونيّات الزراعيّة ومؤسسات أهليّة وألوف المواطنين الذين وقّعوا عريضة شعبيّة ضدّ المشروع، ومئات الاعتراضات الفرديّة، وحتى اعتراضات المجالس المحليّة لثلاث قرى ومجموعة من المستوطنين.. من بين كلّ هذه الاعتراضات، لم يُؤخذ بعين الاعتبار سوى اعتراض "سلطة أراضي إسرائيل".

وبذلك تكون الّلجنة قد صادقت على بناء 25 توربينة رياح من أصل 31، تضمّنها المشروع المقدّم من قبل شركة "إنرجكس"، وأرجأت البتّ في ادّعاءات "سلطة أراضي إسرائيل" ملكيّتها للأراضي المُخطّط أن تُقام عليها التوربينات الستّ المتبقّية، بدعوى أنّها "أراضي دولة".

بحسب المراجعات العلميّة المتوفرة لدينا، سيكون للمشروع، في حال تنفيذه، تبعات خطيرة على صحّة السكّان وسلامتهم؛ بسبب تعرّضهم للضجيج وللموجات تحت الصوتيّة والوميض، ممّا قد يتسبّب باضطرابات سمعيّة وأعراض تمّ رصدها في أماكن عديدة من العالم. وسيكون المزارعون الذين يقضون معظم أوقاتهم في العمل، على مقربة من توربينات الرياح، وعامّة السكّان الذين يقضون أوقاتاً طويلة في الأراضي الزراعيّة المجاورة، حيث تنتشر عشرات المنازل الصغيرة؛ أكثر الناس عرضة للأذى. ومن المتوقّع أن يتقلّص استخدام المزارعين السوريّين لمئات الدونمات من أراضيهم الزراعيّة التي تنتج محاصيل التفاح والكرز منذ عشرات السنين، والتي تشكّل ما يقارب  ثلث أراضيهم الزراعيّة.

ويعتقد الخبراء أنّ إقامة المشروع من شأنها أن تفضي إلى تقييد التوسّع العمرانيّ لثلاثة قرى، ممّا سيُفاقم أزمة السكن الخانقة في القرى السوريّة الواقعة تحت الاحتلال، كما أنّ تشويه المنظر الطبيعيّ للجولان، وتحويل الأراضي الزراعيّة لاستخدامات مغايرة، سيصيب الاقتصاد والسياحة الزراعيّة، والتقاليد الزراعيّة عموماً، بأضرار غير قابلة للإصلاح. إضافة لتعريض الحياة البريّة للخطر، وتحديداً الطيور المحليّة والمهاجرة كالنسور والعقبان والصقور والخفافيش وسواها، والتي ستكون ضمن دائرة الخطر، وستطال هذه الأضرار البيئيّة السكّان والزراعة والطبيعة على حدّ سواء.  وعلاوة على كلّ ما ذُكر، فإنّ الشرخ الاجتماعيّ وحملات التشهير وإشاعة الفِتن، التي تسبّب بها هذا المشروع، عبر عملاء وسماسرة الشركة المحليّين، تظلّ من أفدّح الأضرار، وأكثرها أذىً للنسيج المجتمعيّ والسلم الأهليّ.

ينتهك هذا المشروع  المعايير الدوليّة لحقوق الانسان، لأنه ينطوي على تميّيز مُجْحِف بحقّ السكّان السوريّين، بدءاً بالعوائد البخسة وليس انتهاءً بإبعاد التوربينات عن المستوطنات وإقحامها في قلب الأراضي الزراعيّة وعلى مقربة من القرى السوريّة؛ حمايةً للمستوطنين من أضرارها وحفاظاً على جودة حياتهم، في مقابل التجاهل والاستخفاف بمصلحة ورفاهيّة وصحّة السكّان الأصليّين.

ويأتي هذا المشروع ضمن سياسة عامّة تهدف لترسيخ الاحتلال الاقتصاديّ للجولان، ويشكّل، بذلك، انتهاكاً خطيراً لمبدأ "حقّ الانتفاع" المنصوص عليه في المادة 55 من اتفاقيّة لاهاي الرابعة؛ المتعلّقة بقواعد وأعراف الحرب البريّة، لعام 1907، التي تُلزم السلطة المحتلّة، بأن تتصرّف بموارد الإقليم المحتلّ لفائدة سكّانه من المدنيّين، أي السوريّين، ولتغطية نفقات الاحتلال.

المرصد، إذ يدين إقرار الّلجنة لهذا المشروع الخطير، يطالب حكومة الاحتلال بعدم المصادقة عليه، نظرأً لتداعياته الخطيرة على كافّة مناحي حياة السكّان السوريّين، ومخالفته للالتزامات التي توجبها الاتفاقيّات والمواثيق الدوليّة. ويدعو المجتمع الدوليّ إلى ممارسة الضغط على حكومة الاحتلال من أجل الوفاء بالتزاماتها الناشئة عن الاتفاقيّات والمواثيق الدوليّة لحقوق الانسان، وحماية حقوق السوريّين في الجولان المحتلّ.

مقالات ذات صلة


'}}
تصادف هذه الأيام، الذكرى الأربعون لإصدار حكومة الاحتلال الاسرائيليّة قرار ضمّ الجولان السوري المحتلّ (لاحقاً الجولان) وتطبيق القوانين المدنيّة عليه، في الرابع عشر من كانون الأول/ديسمبر لعام 1981، بعد 14عاماً من إخضاعه للحكم العسكريّ عقب احتلاله عام 1967.
'}}
Share - البيئة في خدمة سياسة السيطرة على الأرض - د. نزيه بريك 29/11/2021 مقدمة: انتهت حرب حزيران عام 1967، بسيطرة إسرائيل على مساحة 1260كم مربعاً من الجولان، تم إعادة ما يقارب 60 كم مربعاً إلى السيادة السورية عام   1974 [1] . تسيطر إسرائيل اليوم على 96% من المساحة التي ما زالت تحتلها (1200كم مربع)، […]
'}}
18 تشرين أول/أكتوبر 2021 صبيحة يوم السبت، 16.10.2021، تمَّ اغتيال الشاب مدحت الصالح، 54 عاماً، بـ 11 رصاصة من قنّاصة جيش الاحتلال الإسرائيليّ، وهو يعمل بجانب بيته، الذي بناه قبالة مجدل شمس المحتلّة، على بعد مئات الأمتار من خط وقف إطلاق النار، وفق المصادر السوريّة. مدحت الصالح الذي أمضى 12 عاماً في سجون الاحتلال الاسرائيليّة، […]
'}}
د. نزيه بريك01/06/2021في إطار برنامجها الاستيطاني، شرعت سلطات الاحتلال ومنذ عام 1968 بإقامة مجمعات مائية في الجولان المحتل، والتي تُشكَّل مع الأرض أهم بنية تحتية لغرس المستوطنين في الجولان، حيث تشكَّل الزراعة التي تعتمد على المياه القاعدة الاقتصادية الرئيسية في حياة المستوطنين. أول مجمع شرعت أجهزة الاحتلال ببنائه في ذاك العام، كان مُجمع "ماروم غولان"، […]
'}}
خلال الأسبوعين الماضيين، تمّ استدعاء بعض النشطاء من شابّات وشباب الجولان من قبل الجهات الأمنيّة الإسرائيليّة؛ وفي اثنتين من الحالات التي نعرف عنها، ترافق الاستدعاء بممارسات استعراضيّة تهدف إلى إشاعة الخوف والرهبة في نفوس السكّان المحليّين.