بيان المرصد حول استدعاءات الإسكات الأخيرة لنشطاء من الجولان

على خلفيّة الأحداث الأخيرة التي تشهدها الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، في حيّ الشيخ جراح والمسجد الأقصى وباقي المناطق الفلسطينيّة، انتشرت على نطاق واسع، تعبيرات متعدّدة للتضامن مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرّض لها الفلسطينيون في الأراضي المحتلّة وداخل الخطّ الأخضر، ابتداءً بالتضامن الفرديّ عبر وسائل التواصل الاجتماعية، وليس انتهاءً بالوقفات والتظاهر في عشرات البلدات والمدن في الإقليم والعالم.

وبالإضافة إلى التضامن الفرديّ، الذي عبّر عنه المئات من سوريّي الجولان المحتلّ على صفحاتهم الخاصّة، شهدت مجدل شمس وقفة سلميّة، في ذات السياق التضامنيّ مع الضحايا الفلسطينيّين الذين يتعرّضون لعنف مفرط، وكان معظم المشاركين فيها من أوساط الشباب. كما انضمّ عدد من سوريّي الجولان، بعد ذلك، إلى دعوة الإضراب العام الذي شمل سائر المناطق الفلسطينيّة، في 18.05.2021.

خلال الأسبوعين الماضيين، تمّ استدعاء بعض النشطاء من شابّات وشباب الجولان من قبل الجهات الأمنيّة الإسرائيليّة؛ وفي اثنتين من الحالات التي نعرف عنها، ترافق الاستدعاء بممارسات استعراضيّة تهدف إلى إشاعة الخوف والرهبة في نفوس السكّان المحليّين.

وكان محامي المرصد قد رافق إحدى هذه الاستدعاءات، للشابّة خولة ابراهيم- ممثّلة، مخرجة وناشطة- حيث قَدِمت ثلاث سيارات شرطة إلى صيدليّة والدها، وطُلب منه استدعاءَها من البيت الى الصيدليّة، لاصطحابها من هناك إلى مركز الشرطة في مستوطنة كتسرين. لم تتلقَّ خولة إبراهيم أيّة دعوة مسبقة ولا حتى اتصال هاتفيّ. وخلال الحديث معها لم تقدّم الشرطة أيّة قرائن اتهاميّة، سوى التلميح والتحذير من مشاركاتها ونشاطها السياسيّ الذي يندرج ضمن حقّ التعبير عن الرأي. وفي نفس الجلسة تواجد معها ناشطان آخران، ممَّن تمّ استدعاؤهم على خلفية رفع العلم الفلسطينيّ خلال الوقفة التضامنيّة.

الاستدعاء الثاني كان للشاب ن.و - طالب جامعيّ وناشط- الذي أفاد المرصد أنّه تلقّى اتصالاً من الشرطة تطلب منه القدوم إلى مقرها في مدينة كرميئيل. واتَّضح، كما يستنتج ن.و، من خلال الحديث والأسئلة التي وُجِّهت إليه من قبل ضابط المخابرات، أنّ هدف الاستدعاء هو مزيج من التحذير والاستطلاع؛ في محاولة لثنيه عن نشاطه السياسيّ واستمالته للتعامل مع أجهزة أمن الاحتلال.

وعن الحالة الثالثة، يتَّضح من المعلومات التي وصلت المرصد من مصادر متعدّدة- إذ لم تتم مقابلة الشابّة مباشرةً – أنّه تم اقتحام إحدى مدارس الجولان، مقرّ عمل إحدى المعلمات، أثناء دوامها الرسميّ وبدون إخبار مسبق، وإخراجها، أمام طلّابها وزملائها من الطاقم التدريسيّ، واصطحابها إلى مركز الشرطة. أيضاً في هذه الحالة، يبدو أنّ السبب الأساسيّ من وراء "محاكاة الاعتقال" هذا، هو أنّها نشرت "قصة" في صفحتها الخاصّة على الإنستغرام، تعبِّر عن تضامنها مع ضحايا الأحداث الأخيرة في القدس.

من المحتمل أنّ استدعاءات أخرى، لا نعرف عنها، قد تمّت، لكنّ المشترك بين الحالات الواردة أعلاه هو، أنّها أولاً: لم تستند إلى أيّ أساس قانونيّ، ثانياً: أنّها تمّت (في حالتين على الأقلّ) بشكل استعراضيّ يحاكي الاعتقال الرسميّ، وبمصاحبة مظاهر قوّة مبالغ فيها، وثالثاً: أنها تضمّنت، بشكل غير مباشر، التهديد والتخويف وابتزاز النشطاء في مصادر رزقهم أو مستقبلهم المهنيّ، بهدف إسكاتهم وثنيهم عن نشاطهم المشروع وحقّهم الأساسيّ في التعبير عن الرأي، وأخيراً: أنّ المستهدفين، بمعظمهم، من النشطاء الشباب ذوي الأصوات الناقدة للبرامج والمشاريع التي تسعى السلطات المحلّية، من خلالها، إلى الدفع قدماً بسياسات الدمج التي تهدف إلى إعادة تشكيل هويّة سوريّي الجولان بما يخدم مصالح سلطة الاحتلال، مثل "معرض الأسلحة القتاليّة" الذي تمّ تنظيمه لأوّل مرّة، على الأراضي الواقعة بين القرى السوريّة، على الرغم من الرفض الشعبيّ الجارف لهذا المشروع.

تأتي هذه الضغوطات ومحاولات التخويف والإسكات ضمن ذات السياسة التي استهدفت، مؤخراً، مجموعة من النشطاء، إلى جانب المرصد، ممّن عبّروا عن اعتراضهم على "مشروع المراوح" ذي النتائج الكارثيّة على حياة السكّان المحليّين، عن طريق دعاوى قضائيّة بهدف الإسكات، وكذلك خلال الاعتراض الذي سجّله النشطاء والغالبيّة العظمى من المجتمع الأهليّ، أثناء فرض انتخابات المجالس المحليّة على قرى الجولان، أواخر 2018، وما رافق هذه العمليّة من انتهاكات وعنف مفرط بحقّ السكّان المحليّين.

يدين المرصد هذه الممارسات المتمثّلة بالتضييق على سكّان الجولان السوريّين، ومنعهم من ممارسة حقّهم الأساسيّ في التعبير عن آرائهم، ومن ممارسة النشاط السلميّ الأهليّ، ويطالب حكومة الاحتلال ومختلف أجهزتها الامنيّة بالكفّ عن سياسة التهديد، المباشر وغير المباشر، التي تُمارس بحقّ النشطاء بهدف إسكاتهم، بما يضمن ممارستهم لحقّهم الاساسيّ في التعبير عن الرأي والتجمّع السلميّ.

مقالات ذات صلة


قدّم "المرصد" - المركز العربيّ لحقوق الإنسان في الجولان، بالاشتراك مع مؤسّسة "الحقّ" و"العيادة الدوليّة لحقوق الإنسان التّابعة لكليّة الحقوق بجامعة كورنيل"، تقريراً موازياً مشتركاً إلى لجنة الأمم المتّحدة المعنّية بالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة ("اللجنة")، لتَنْظُر فيه قُبَيل استعراضها للتقرير الدوريّ الرابع لإسرائيل، في نهاية أيلول / سبتمبر. يسلّط هذا التقرير الضوء على استغلال إسرائيل، بشكلٍ غير قانونيّ، لموارد الطاقة، وتحديداً النّفط والغاز والطّاقة المتجدّدة، من خلال استراتيجيّات عامّة تطبّقها في جميع المناطق التي تحتلّها.
عقد المرصد وجمعية حقوق المواطن ومنظمة بمكوم – مخططون من أجل حقوق التخطيط يوم أمس، 06.05.2019، لقاءً جماهيرياً في قاعة "الياسمين"، في مجدل شمس، لاستعراض ومناقشة الأدوات القانونية المتاحة أمام سكان االجولان السوريين للتصدي لمشروع مزارع الرياح "المراوح" المزمع إقامته من قبل شركة "إنرجكس" الإسرائيلية على الأراضي الزراعية التي يملكونها.
يعبّر المرصد - المركز العربيّ لحقوق الإنسان في الجولان (المرصد) عن قلقه إزاء التقارير التي تفيد بوجود مشروع جديد لدى سلطة الاحتلال الاسرائيلي، لنقل المستوطنين إلى الجولان السوري المحتل على نحو غير شرعي ومخالف للقانون الدولي. هذا المشروع، الذي تمّ الإعلان عنه بعد أسبوع واحد من اعتراف الولايات المتّحدة بـ"السيادة" الاسرائيليّة المزعومة علي الجولان المحتلّ، إنّما يمثّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدوليّ، ويأتي في سياق سياسة سلطة الاحتلال الاسرائيليّ القائمة على التميّيز الممنهج ضدّ السكان السوريّين الأصليّين وتهميشهم
يدين المرصد - المركز العربيّ لحقوق الإنسان في الجولان المحتلّ "تغريدة" الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تدعو "لاعتراف الولايات المتّحدة الكامل  بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان". تدلّل تغريدة الرئيس ترامب هذه على تحوّل جذريّ في السياسة الأمريكيّة والتي تتعارض مع الحقائق والمنطق والقانون الدوليّ، وتهدّد الاستقرار في الشرق الأوسط
في 30 تشرين أول/أُكتوبر 2018، ولأول مرة منذ احتلال إسرائيل الجولان السوري عام 1967، أعلنت السلطات الإسرائيلية أنه أصبح مسموحاً لسكان قرى مجدل شمس، بقعاثا، مسعدة وعين قنيا، التصويت لانتخاب رؤساء وأعضاء مجالسهم المحلية، ضمن الانتخابات المحلية الإسرائيلية. وكان استيلاء إسرائيل على الجولان في أعقاب حرب عام 1967، أدى إلى حرمان الأغلبية الساحقة من السكان السوريين المتبقين في الجولان من كافة حقوقهم السياسية. وبعد مرور 51 عاماً، كان لفرصة ممارسة حق التصويت تأثير كبير على السكان البالغ عددهم 24,175 نسمة في القرى الأربع. لكن، وبسبب عدم قانونية الانتخابات وطابعها اللاديموقراطي فإنها تصبح، بهذا المعنى، جزءاً من عملية “أسرلة” الجولان، بدلاً من أن تكون وسيلة لتعزيز الحقوق السياسية للسكان الأصلانيين.