سوريا حرة من حكم عائلة الأسد

المرصد – المركز العربيّ لحقوق الإنسان في الجولان

تمكنت المعارضة السورية المسلحة، المدعومة من قوى دولية وإقليمية، من السيطرة على العاصمة دمشق، لتُسقِط بذلك سلطة بشار الأسد، وتطوي صفحة حكم عائلة حافظ الأسد المفروض على السوريين منذ انقلابه على السلطة في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970. جاءت هذه الخطوة بعد أكثر من 55 عاماً من نضال السوريين ضد نظام الاستبداد والفساد الذي فرضه حافظ الأسد ومن بعده وريثة بشار على البلد، حيث ذاق السوريون خلال فترة حكمهم أفظع الويلات.

جاء هذا الحدث ليشكل منعطفاً في تاريخ سوريا الحديث بعد أكثر من 13 عاماً على انطلاق الاحتجاجات السلمية ضد سلطة بشار الأسد في آذار/مارس 2011، والتي تحولت لاحقاً إلى نزاع مسلح نتيجة تعنته ولجوئه إلى الحل الأمني في التعاطي مع ملايين المحتجين الذين تعرضوا لأقسى أشكال القمع والتنكيل، مما تسبب بمقتل أكثر من 230 ألف مدني، فضلاً عن تهجير أكثر من 14 مليون سوري من منازلهم؛ بينهم 7 مليون لاجئ خارج البلاد، فيما هنالك أكثر من 130 ألف شخص في عداد المفقودين.

إن طي صفحة حكم أسرة حافظ الأسد يمنح الشعب السوري فرصة وقف العنف، ونبذ الانتقام، وبناء الثقة بين جميع مكونات الشعب السوري بما يمهد إلى تقرير مستقبل البلاد من خلال تشكيل حكومة انتقالية، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات برعاية أممية، وصولاً لإقامة نظام مدني ديمقراطي، يستند إلى مبادئ العدالة والمساواة وسيادة القانون بما يتماشى مع معايير الشرعة الدولية وسائر الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الانسان. 

إن الواقع المستجد يتطلب من المجتمع الدولي إظهار التزامه، قولاً وفعلاً، بسيادة الجمهورية العربية السورية على كافة أراضيها، وضمنها الجولان السوري المحتل، واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية التي تقتضي إنهاء احتلال إسرائيل للجولان، ودعم عملية سياسية يقودها السوريون، وتسهلها الأمم المتحدة من خلال الإشراف على انتخابات حرة ونزيهة تتوافق مع أعلى المعاير الدولية للشفافية والمساءلة، بما يفضي إلى تحقيق سلام حقيقي ومستدام تشارك فيه كل أطياف الشعب السوري دون تمييز أو إقصاء لأي طرف أو مكون لأي سبب كان.  

إن بناء سوريا حديثة قائمة على أفضل معاير الديمقراطية وحقوق الانسان تستدعي المصادقة على كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية الأساسية لحقوق الانسان وبروتوكولاتها الإضافية، والانضمام إلى نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية بما يضمن محاسبة كل من هو ضالع في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق السوريين بعيداً عن الانتقام. 

كما أن سيادة سوريا ووحدتها وسلامتها الإقليمية تقتضي التأكيد دائماً على ضرورة إنهاء المجتمع الدولي احتلال إسرائيل للجولان، وعودتها إلى ما وراء حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، فالاستبداد والاحتلال وجهان لعملة واحدة وسقوطه لا بد أن يفضي إلى زوال الاحتلال.

 

مقالات ذات صلة


تصادف هذه الأيام، الذكرى الأربعون لإصدار حكومة الاحتلال الاسرائيليّة قرار ضمّ الجولان السوري المحتلّ (لاحقاً الجولان) وتطبيق القوانين المدنيّة عليه، في الرابع عشر من كانون الأول/ديسمبر لعام 1981، بعد 14عاماً من إخضاعه للحكم العسكريّ عقب احتلاله عام 1967.
Share - البيئة في خدمة سياسة السيطرة على الأرض - د. نزيه بريك 29/11/2021 مقدمة: انتهت حرب حزيران عام 1967، بسيطرة إسرائيل على مساحة 1260كم مربعاً من الجولان، تم إعادة ما يقارب 60 كم مربعاً إلى السيادة السورية عام   1974 [1] . تسيطر إسرائيل اليوم على 96% من المساحة التي ما زالت تحتلها (1200كم مربع)، […]
18 تشرين أول/أكتوبر 2021 صبيحة يوم السبت، 16.10.2021، تمَّ اغتيال الشاب مدحت الصالح، 54 عاماً، بـ 11 رصاصة من قنّاصة جيش الاحتلال الإسرائيليّ، وهو يعمل بجانب بيته، الذي بناه قبالة مجدل شمس المحتلّة، على بعد مئات الأمتار من خط وقف إطلاق النار، وفق المصادر السوريّة. مدحت الصالح الذي أمضى 12 عاماً في سجون الاحتلال الاسرائيليّة، […]
د. نزيه بريك01/06/2021في إطار برنامجها الاستيطاني، شرعت سلطات الاحتلال ومنذ عام 1968 بإقامة مجمعات مائية في الجولان المحتل، والتي تُشكَّل مع الأرض أهم بنية تحتية لغرس المستوطنين في الجولان، حيث تشكَّل الزراعة التي تعتمد على المياه القاعدة الاقتصادية الرئيسية في حياة المستوطنين. أول مجمع شرعت أجهزة الاحتلال ببنائه في ذاك العام، كان مُجمع "ماروم غولان"، […]
خلال الأسبوعين الماضيين، تمّ استدعاء بعض النشطاء من شابّات وشباب الجولان من قبل الجهات الأمنيّة الإسرائيليّة؛ وفي اثنتين من الحالات التي نعرف عنها، ترافق الاستدعاء بممارسات استعراضيّة تهدف إلى إشاعة الخوف والرهبة في نفوس السكّان المحليّين.